0
الروايات المتناقضة لاتفاقية الإمارات وإسرائيل.. هنا يكمن السر
هنا عدن
القراءات 18
محلي
Comment icon>
ربما يبدو إعلان "ترامب" عن التوصل لاتفاق بشأن "التطبيع الكامل للعلاقات" بين (إسرائيل) والإمارات، للوهلة الأولى إنجازًا مدهشًا لرؤيته للسلام التي تباهى بها كثيرًا بعد أن كانت تواجه مشقة في التقدم للأمام، أما بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، فإن هذا الإنجاز مهم من الناحية الرمزية لأنه يواجه احتمال إجراء انتخابات رابعة في غضون 19 شهرًا في نوفمبر / تشرين الثاني المقبل. كما إنه من المرجح للإمارات أن تصور الاتفاقية على أنها تتماشى مع تأكيداتها على "الاعتدال" و"التسامح"، لا سيما فيما يتعلق بالحوار والتعاون بين الأديان، والتي شكلت مكونات رئيسية في الرسائل الأخيرة التي ترسلها للمجتمع الدولي. أعلن البيان الصادر عن "ترامب" أن (إسرائيل) ستعلق خططها لضم مناطق من الضفة الغربية مقابل إقامة علاقات دبلوماسية مع الإمارات، والتي ستصبح ثالث دولة عربية -بعد مصر عام 1979 والأردن عام 1994- وأول دولة خليجية تضفي الطابع الرسمي على العلاقات. اختلاف روايات الأطراف جعل البيان "ترامب" يبدو وكأنه مركزي في الاتفاقية، فيما يتلاءم مع رؤيته لنفسه كشخص مهم، ورغبته في أن ينسب له الفضل، ليؤكد على "تفانيه من أجل السلام في المنطقة والنهج البراجماتي والفريد الذي اتخذه من أجل إنجاز ذلك". ومع ذلك، فإن الإعلان لا يرقى إلى مستوى اتفاق السلام الشامل الذي ادعى "ترامب" مرارًا أنه قادر على الوفاء به، وقد لا يغير الكثير من الناحية العملية. وفيما أشاد "ترامب" بالاتفاق في إعلانه على "تويتر"، واصفًا إياه بأنه "اختراق ضخم" و"سلام تاريخي"، بعد نقاش ثلاثي مع "نتنياهو" والشيخ "محمد بن زايد آل نهيان"، ولي عهد أبوظبي والزعيم الفعلي لدولة الإمارات، كانت التعليقات اللاحقة للمسؤولين الإماراتيين والإسرائيليين أكثر تحفظًا إلى حد ما. ففي بيانه الخاص على "تويتر"، لم يشر "محمد بن زايد" إلى "التطبيع الكامل" الذي تحدث عنه "ترامب"، بل إلى "تعاون ووضع خارطة طريق نحو إقامة علاقة ثنائية"، بينما كان بيانه بالعربية أكثر تحفظًا. وأكد "نتنياهو" في خطاب متلفز لاحقًا، أنه لا يزال ملتزما بضم أجزاء من الضفة الغربية وأن خططه لفعل ذلك قد "عُلقت مؤقتًا" فقط لتمكين التوصل إلى اتفاق مع الإمارات. يتناقض تصريح "نتنياهو" بتعليق الضم فقط مع ادعاء "محمد بن زايد" بأنه تم إيقافه، ومن اللافت للنظر مراقبة الاختلاف الملحوظ في اللغة التي يستخدمها "ترامب" و"بن زايد" و"نتنياهو" لطرح نسختهم من رواية الاتفاق. يعكس هذا مختلف الاعتبارات المحلية التي يجب على كل منهم التعامل معها، حيث يقاتل كل من "ترامب" و"نتنياهو" من أجل بقائهما السياسي، ويأملان في أن يؤدي "فوزا" في السياسة الخارجية إلى تعويض بعض إخفاقاتهما الداخلية على الأقل، في حين قد ترى القيادة الإماراتية أن الاتفاقية فرصة لاستعادة زمام المبادرة وتحقيق مناخ سياسي بعد أشهر قليلة مليئة بالتحديات وانتكاسات لطموحات الإمارات الإقليمية في اليمن وليبيا. آمال اقتصادية من المؤكد أن هناك سبلًا لتعاون مستمر ومتزايد بين (إسرائيل) والإمارات، وقد أوضح الإعلان الكثير منها، بما في ذلك التعاون بشأن لقاح لـ"كورونا". ومع استمرار انتشار جائحة "كورونا" الذي يؤذي الاقتصادات في جميع أنحاء المنطقة بشدة، قد يأمل المسؤولون في (إسرائيل) والإمارات أن يؤدي التطبيع -أو على الأقل المسار نحوه- إلى تحقيق مكاسب اقتصادية، حيث يمكن لقطاعات مثل التكنولوجيا الطبية والطاقة المتجددة أن تحصل على فوائد سريعة. كما يمكن أن يوفر إنشاء روابط للسفر والسياحة بين البلدين أيضًا دفعة اقتصادية تشتد الحاجة إليها في عالم ما بعد الجائحة، ولكن التنسيق في مجالات أخرى، مثل تقنيات المراقبة قد حدث ضمنيًا بالفعل ومن المرجح أن يستمر حتى بدون اتفاق. موقف الإمارات هش ربما يكون موقف الإمارات الأكثر حساسية من بين الأطراف الثلاثة للإعلان، فأي قرار يتخذه "نتنياهو" بإلغاء تعليق الضم من شأنه أن يضع الإمارات و"بن زايد" في موقف صعب للغاية وعرضة لاتهامات بأن الإمارات لعبت ما كانت تزعم بأنها ورقتها الرابحة مقابل مكاسب قليلة أو معدومة. إذا توجهت (إسرائيل) إلى انتخابات أخرى في نوفمبر / تشرين الثاني، فقد يشعر "نتنياهو" بالحاجة إلى مواصلة تعهده المعلن كثيرًا بـ "استعادة السيادة"، وفي هذه الحالة من المحتمل أن يبني قراره على مصلحته السياسية الخاصة بدلاً من مصلحة الإمارات. هذا يترك الإمارات عرضة لاعتبارات سياسية خارج قدرتها على السيطرة، وتصريحات كبار الشخصيات الإماراتيين في الأشهر الأخيرة التي وجهت تحذيرات صريحة ومباشرة ضد الضم، سيكون من الصعب التراجع عنها. ففي مقال بالعبرية في صحيفة إسرائيلية في يونيو / حزيران، كانت رسالة سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة "يوسف العتيبة"، صريحة بشكل خاص في وصف أي تحرك لضم "الأراضي الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني" من شأنه أن "يرسل موجات صدمة في جميع أنحاء المنطقة". يكمن الخطر بالنسبة للقيادة الإماراتية، في أن الاتفاقية تعني أن الإمارات نفسها أصبحت الآن عرضة لموجات الصدمة الإقليمية التي قد تنجم عن أي قرار يتخذه "نتنياهو" أو حكومة إسرائيلية مستقبلية بالتحرك نحو الضم، بعد أن كان ذلك ليقتصر غالبًا على الأردن ودول الجوار الأخرى. وفي حين أثار البيان الثلاثي احتمالية حدوث "اختراقات دبلوماسية إضافية مع دول أخرى"، فإن هذا قد يحدث فقط عمليًا مع البحرين، وقد يضغط على التحالف الذي بناه "محمد بن زايد" مع القيادة السعودية، على الأقل أثناء فترة حكم الملك "سلمان".
تمت المراجعة
0
مضلل
0
ملاحظة أخرى
0
منقول
0
بلا مرجع
0
يمكن للمشرفين فقط مراجعة مشاركات